زواج التحليل المقصود بزواج التحليل هو زواج المطلقة ثلاثا لتحل لزوجها الأول، وهو أمر مشروع دل عليه الكتاب والسنة والإِجماع، قال تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} ثم قال في الآية التي تليها: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}البقرة:229، 230، قال العلماء: المعنى فإن طلقها للمرة الثالثة.
قال القرطبي (وهذا مجمع عليه لا خلاف فيه).
وحتى يكون زواج التحليل محققا للغرض منه لابد فيه من أمرين أساسيين، أولهما أن يكون العقد صحيحا، والثاني أن يكون معه دخول صحيح، فإذا اختل واحد منهما لم يكن مشروعا، ولتوضيح ذلك نقول:
1- حتى يكون العقد صحيحا لابد من استيفاء الأركان والشروط المعروفة في كل زواج، وزاد العلماء عليه أن يكون خاليا من نية التحليل، ونية التحليل لها حالتان:
أ- الحالة الأولى أن يصرح بها في العقد، كأن يقول: تزوجتك على أن أحلك لزوجك، وهو باطل لا تترتب عليه آثاره عند جمهور الفقهاء، مالك بن أنس والشافعى وأحمد بن حنبل وعده ابن القيم من الكبائر لا فرق بين أن يكون اشتراط ذلك بالقول أو التواطؤ " زاد المعاد ج 4 ص 6 " وذلك لأحاديث، منها ما رواه الترمذى عن ابن مسعود وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجة وأحمد عن ابن عباس، والحاكم وصححه: "لعن رسول اللَّه المحلل والمحلل له" وما رواه ابن ماجة والحاكم من حديث عقبة بن عامر أن رسول اللَّه قال: "ألا أخبركم بالتيس المعار"؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: " هو المحلل، لعن اللَّه المحلل والمحلل له".
وأما أهل الرأى -أبو حنيفة وأصحابه- فقال أبو حنيفة وزفر: يصح العقد ويحلها للأول، لأن الشرط الفاسد يُلْغَى ويصح العقد، وقال محمد: إن العقد صحيح مع هذا الشرط، لأن الشرط يلغى ولكن هذا العقد لا يحلها للأول، وقال أبو يوسف: العقد باطل -كرأى الجمهور -ولا يحلها للأول.
هذا، وحكى الماوردى عن الشافعى أنه إن شرط التحليل قبل العقد صح النكاح وأحلها للأول، وإن شرطاه في العقد بطل النكاح ولم يحلها للأول، وهذا قول الشافعي "تفسير القرطبى ج 3 ص 150 ".
ب- الحالة الثانية ألا يصرح بنية التحليل في العقد وإن كان أمرا معروفا بين الناس أو على الأقل بين الأطراف الثلاثة، المطلق والمطلقة والمحلل، قال مالك: العقد غير صحيح ولا تحل للأول، لأن العبرة في الأحكام بالنيات، وكذلك قال أحمد بن حنبل، جاء في "المغنى" لابن قدامة الحنبلي أن نكاح المحلل باطل إن شرط أنه إذا أحلها فلا نكاح بينهما، وإن نوى التحليل من غير شرط فالنكاح باطل، وفى قول: إن شرط عليه التطليق قبل العقد ولم يذكره في العقد ولم ينو فالعقد صحيح.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: ينعقد صحيحا مع الإثم، ويترتب عليه حلها للأول بعد الدخول والطلاق وانتهاء العدة، لأن العبرة في الأحكام بالظاهر، وأما الشافعي فله قولان، القول الأول هو القديم كقول مالك وأحمد، والقول الثاني وهو الجديد كقول أبى حنيفة وأصحابه.
2- أما الشرط الثاني وهو الدخول الصحيح، فهو أمر متفق عليه بين الأئمة الأربعة وجمهور العلماء، ولا يكتفى فيه بمجرد الخلوة حتى لو كانت صحيحة، بل لابد فيه من اللقاء الجنسى، والدليل على ذلك ما رواه البخاري وغيره عن عائشة رضى اللّه عنها لما طلق رفاعة القرظى امرأته فبتَّ طلاقها تزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت إلى النبى تشكو إليه أن عبد الرحمن ضعيف في الناحية الجنسية، فتبسم الرسول وقال "لعلك تريدين أن ترجعى إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقى عسيلته ويذوق عسيلتك".
وجاء في سنن النسائي عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت. قال رسول اللّه " " العسيلة الجماع ولو لم ينزل". وجاء في سنن النسائي عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما: سئل رسول اللّه عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا، فيتزوجها الرجل فيغلق الباب ويرخى الستر، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، فقال " لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر".
وتشدد الحسن البصرى فلم يكتف بمجرد الجماع، بل اشترط أن يكون معه إنزال للنص في الحديث على ذوق العسيلة، ولكن الجمهور اكتفوا بمجرد الجماع، بناء على تفسير الرسول للعسيلة، بالجماع ولو لم ينزل. ولم يخالف في شرط الدخول بالزوجة إلا سعيد بن المسيب من كبار التابعين وسعيد ابن جبير وبعض الخوارج، وقولهم مرفوض بدليل الأحاديث السابقة. وعدم تحقيقه لحكمة التشريع.
والحكمة من اشتراط المحلل وتأكيد دخوله بالمرأة باللقاء الجنسى، التنفير من الطلاق الثلاث، وتنبيه الزوج إلى التريث في استعمال حق الطلاق الذي جعله اللَّه على مرات، ومراعاة للشعور بالغيرة على أن يحل محله رجل آخر في التمتع بزوجته.
هذه هي الآراء في زواج التحليل وما شرط فيه لتترتب عليه آثاره، وقد حمل بعض العلماء عليه حملة عنيفة بصورة تجعله كأنه غير مشروع، دون مراعاة لبعض الظروف الضاغطة التي يتحقق بها يسر الإِسلام، والحق هو التمسك بما اتفق عليه العلماء، مع ترك الحرية للاختيار فيما اختلفوا فيه.
وقد رأينا بعد هذا العرض الاتفاق على وجوب صحة الزواج ووجوب المعاشرة الجنسية، ورأينا الاختلاف في نية التحليل أو التصريح به واشتراطه في العقد، فعند أبى حنفية أن نية التحليل -شرطت أم لم تشرط - لا تمنع من صحة العقد ولا من حل المرأة لزوجها الأول، وعند الشافعي قولان في عدم الاشتراط، قول كمالك وأحمد بالمنع، وقول كأبى حنيفة بالجواز، وتحمل الآثار الواردة في التنفير منه على الكراهة، وفى المسائل الخلافية لا يفرض رأى من الآراء، إلا باختيار ولى الأمر، والعمل في مصر على رأى أبى حنيفة وهو الجواز، لأنه الراجح في المذهب، ولا مانع من اختيار أى رأى من الآراء وبخاصة عند اقتضاء المصلحة
عمل طالبات الصف 3-1 ادبي:
مي تمر-شهد الشادلي
رهف المسعري
رنيم الجهني
رحمة الغامدي
سهام باجبير